Thursday, January 8, 2015

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا هنا مقاله بعنوان الجـامع المفيـد لدروس تعلم التوحيـد مدخل بسيط لتعلم دين الإسلام الجزء الرابع وهى منقوله من منبر التوحيد لمن اراد النسخة كامله

بسم الله الرحمن الرحيم  
نتناول موضوع مفيد لمن يريد ان يتعلم تعالم دينه الصحيح تعاليم دين الاسلام من خلال مدخل بسيط لتعليم دين الاسلام للشيخ العلامه أبو الفضيل ناصر الدين بن عبد الرحمن النعيمي 

الدرس الخامس
كيف يتم الكفر بما يعبد من دون الله
سبق وأن قلنا أن الإيمان بلا إله إلا الله يتطلب منك ثلاثة أمور:
ألا تعبد إلا الله، ولا تشرك به شيئا، وأن تخلع وتكفر بالآلهة والأرباب والأنداد المعبودة من دون الله عز وجل.
وقد شرحنا الأمرين الأولين وبيَّنَّا كيف يتم ذلك عمليا في واقع الحياة، ونتكلم في هذا الدرس بعون الله وتوفيقه عن الأمر الثالث: الكفر بما يعبد من دون الله.
فنقول وبالله التوفيق:
أسماء المعبودات الباطلة في كتاب الله
ذكر الله عز وجل في كتابه عدة أنواع من المعبودات التي صرف لها المشركون العبادة من دون الله، وسمَّاها بأسماء مختلفة، وهذه الأنواع هي :
1- الأنداد: والند هو المثيل والشبيه والنظير.
قال تعالى: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(البقرة: من الآية22). قال ابن جرير رحمه الله: عن بن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (فلا تجعلوا لله أندادا) قال أكْفَاءُ من الرجال تطيعونهم في معصية الله .... قال بن زيد في قول الله (فلا تجعلوا لله أندادا) قال: الأنداد الآلهة التي جعلوها معه وجعلوا لها مثل ما جعلوا له.انتهى 
وقال البغوي: ( فلا تجعلوا لله أندادا ) أي أمثالا تعبدونهم كعبادة الله.انتهى 
وقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ) (البقرة: من الآية165)، قال ابن جرير: واختلف أهل التأويل في الأنداد التي كان القوم اتخذوها وما هي، فقال بعضهم هي آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله،.... وقال آخرون: بل الأنداد في هذا الموضع إنما هم سادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله تعالى ذِكْرُه..... عن السدي قال: الأنداد من الرجال يطيعونهم كما يطيعون الله إذا أمروهم أطاعوهم وعصوا الله. انتهى
ويدخل في هذه الأنداد :
* الأوثان التي اتخذها المشركون آلهة لتقربهم إلى الله زلفى ورجوا من عندها النفع والضر، وقصدوها بالسؤال والدعاء، ونذروا لها النذور وقربوا لها القرابين. 
** السادة الذين كانوا يطيعونهم في مخالفة دين الله، ويلتزمون من تعظيمهم والانقياد لهم ما يلتزمه المؤمنون من الانقياد لله تعالى.
2- الآلهة: قال تعالى: ( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح: 23)، قال ابن كثير: وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، قال البخاري ... عن ابن عباس: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بَعْدُ...... وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السلام فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عُبدت.انتهى
 وقال عز وجل: ( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ ) . فكل من قصده الناس بشيء من العبادة لجلب نفع أو دفع ضر فقد اتخذوه إلهاً مع الله.
3- الأرباب: قال عز وجل: (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)(آل عمران: من الآية64). 
قال ابن جرير: فإن اتخاذ بعضهم بعضا هو ما كان بطاعة الأتباع الرؤساء فيما أمروهم به من معاصي الله وتركهم ما نهوهم عنه من طاعة الله كما قال جل ثناؤه: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ).
وقال أيضا: (أربابا من دون الله) يعني سادة لهم من دون الله يطيعونهم في معاصي الله فيحلون ما أحلوه لهم مما قد حرمه الله عليهم ويحرمون ما يحرمونه عليهم مما قد أحله الله لهم. انتهى
فالأرباب: هم المتبعون والمطاعون فيما يخالف دين الله.
 ويدخل في ذلك: العلماء والعبَّاد والشيوخ والرؤساء، الذين بدَّلوا دين الله، وغيروا أحكامه، ووضعوا القوانين والتشريعات التي تخالف دين الله.
4- الطواغيت: قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)(النساء: من الآية60) وقال تعالى: ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ) (النساء: من الآية76). 
وقال أيضا: (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)(النساء: من الآية50). 
والطاغوت هو: كل من طغى وجاوز حد العبودية لله، وصار يشارك الله في حقه الخالص بالعبادة والخضوع والاستسلام.
فكل من عُبد من دون الله ورضي بالعبادة فهو طاغوت، وعلى رأسهم الشيطان، قال تعالى: (لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) (النساء:118: 119) 
5- الأصنام والأوثان: قال تعالى: ( قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ) (الشعراء: من الآية71). 
وقال تعالى: ( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) (العنكبوت:17).
قال ابن الأثير : قد تكرر ذكر الصنم والأصنام وهو ما اتُخِذ إلهاً من دون الله. وقيل: هو ما كان له جسم أو صورة فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن.
وقال أيضاً : الفرق بين الوثن والصنم أن الوثن كل ماله جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي تعمل وتنصب فتعبد، والصنم الصورة بلا جثة، ومنهم من لم يفرق بينهما وأطلقهما على المعنيين. وقد يطلق الوثن على غير الصورة.
ومنه حديث عدي بن حاتم قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي القي هذا الوثن عنك.انتهى
6- الأولياء: قال جل ثناؤه: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف:3). وقال: (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ )(لأعراف: من الآية30). وقال: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ)(الكهف: من الآية102).
7- الشركاء: قال تعالى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ )(الأنعام: من الآية100)، وقال: (وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ)(يونس: من الآية66) . وقال: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)(الشورى: من الآية21).
وكل هذه الأنواع المذكورة ( الأنداد، والآلهة، والأرباب، والطاغوت، والأصنام والأوثان، والأولياء، والشركاء) تختلف في الاسم وتتشابه مع بعضها في كونها كلها عُبِدَتْ من دون الله عز وجل، وكلها معبودات باطلة، جعلها أصحابها شركاء لله الذي خلقها وأوجدها، فهي في الحقيقة عبد مملوك لله، كما قال تعالى: ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً). وقال عز وجل : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) . فجاوز بها المشركون حد العبودية لله إلى أن صارت شريكاً لله في العبادة، تُعبد كما يُعبد رب العالمين، حيث صرفوا لها ما هو حق خالص لخالق السموات والأرض.
الشرك اتخاذ معبود مع الله
عرفنا فيما سبق أن العبادة بجميع أنواعها لا يستحقها إلا الله عز وجل، وأن التوحيد هو إفراد الله بجميع أنواع العبادة، وأن من أشرك مع الله غيره في شيء منها فهو كافر مشرك.
فالشرك هو أن تصرف شيئا من العبادة لغير الله، قال تعالى: 
(قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) (الزمر:64)  (وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ) (النحل:52)  (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً )(الأنعام: من الآية114) 
(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)(الأنعام: من الآية14) 
(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ )(الأنعام: من الآية164) 
(قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً)(لأعراف: من الآية140) 
(وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)(الكهف: من الآية26) 
(وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(الكهف: من الآية110) 
(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (الجـن:18)  (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) (الجـن:20)  (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئا)(آل عمران: من الآية64) 
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً )(النساء: من الآية36)
فهنا يجب التركيز والانتباه لأمرين لكي يعرف الإنسان حقيقة الشرك وصوره:
الأمر الأول: أن الشرك يحصل بأن تصرف شيئا من العبادة لغير الله ولو عبادة واحدة كالدعاء مثلا، وليس من شرطه أن تصرف العبادة كلها لغير الله، كما قال الله عز وجل (وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)، فتأمل قوله (شيئا)
الأمر الثاني: أن كل ما سوى الله لا يستحق شيئا من العبادة، يستوي في ذلك جميع الخلق من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم، وليس من شرط الشرك أن يكون المعبود صنماً، كما قال تعالى في الآيات السابقة (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) فانتبه لقوله (أَفَغَيْرَ اللَّهِ) في ست آيات سابقة، وكذلك قوله (وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) في أربع آيات.
فأي شيء من العبادة صُرفت لغير الله فهي باطلة وشرك بالله الواحد الأحد وإن لم يسمها أصحابها شركاً.
وأي شيء صُرِف له شيء من العبادة غير الله فهو معبود باطل وإله لعابديه، وإن لم يسمه صاحبه إلها أو ربا أو معبودا أو شريكا لله، سواء كان نبيا أو ملَكا أو صالحا أو صنما.
فمن دعا نبيا أو وليا صالحا أو استغاث به لقضاء حاجة أو كشف كربة لا يقدر عليها إلا الله أو ذبح له أو نذر أو اعتقد فيه النفع والضر كان كمن عبد الأصنام والأوثان من دون الله، كل هذا شرك وكفر بالله.
فلا فرق بين من يعبد الصنم وبين من يعبد المسيح وبين من يعبد القبور وبين من يطيع الحكام والشيوخ في تغير شريعة الله، فكلهم مشركون بالله، لأن الشرك هو أن يتخذ الإنسان مع الله معبوداً يعبده مع الله، فإذا حصل هذا المعنى فقد حصل الشرك بالله.
وقد ذكر الله عز وجل في كتابه أصنافاً من الكفار لكل صنف إله يعبده مع الله فشملهم بحكم الكفر ووصف الشرك ولم يجعل اختلاف معبوداتهم سببا للتفريق بينهم.
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: القاعدة الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر على أناس متفرقين في عباداتهم: منهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين؛ ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [سورة الأنفال آية : 39].
فدليل الشمس والقمر، قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [ سورة فصلت آية : 37]. 
ودليل الملائكة قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [ سورة سبأ آية : 40"41].
ودليل الأنبياء قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} الآية [سورة المائدة آية : 116]. وقوله: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [ سورة آل عمران آية : 80]. 
ودليل الصالحين قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [سورة الإسراء آية : 56].
ودليل الأشجار والأحجار، قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [ سورة النجم آية : 19"20].انتهى 
فانظر أيها القارئ في كتاب الله هل تجد فيه أن الله فرق بين من كان معبوده حجراً ومن كان معبوده شجراً ومن كان معبوده نبيا، ومن كان معبوده شيطانا رجيماً؟!!
قال الله عز وجل: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)، فانظر كيف سوَّى الله بين عبادة الأحبار والرهبان التي كانت باتباعهم فيما شرعوه، وبين عبادة المسيح التي كانت باعتقاد ألوهيته مع الله والتقرب له بأنواع العبادة.
فهنا نجد اختلافا في العبادة وفي المعبود، ولا نجد اختلافا في الحكم على الفعل بأنه شرك بالله، وعلى الفاعل بأنه مشرك عابد لغير الله.
وسنزيد الأمر وضوحا إن شاء الله في دروس آتية بإذن الله وعونه وتوفيقه وهدايته.
أنواع من المعبودات الباطلة
وكما علمنا أن المعبودات من دون الله كثيرة، ولكي نعرفها في الواقع من حولنا يجب أن ننظر إلى أنواع العبادة التي تُصرف لغير الله، وقد عرفنا فيما سبق تعريف العبادة وكثير من أنواعها فلم يعد صعباً علينا تمييز العبادة التي لا يستحقها إلا الله من غيرها.
فيدخل فيما يعبد من دون الله:
من يُدعى ويُستغاث به ويُلتجأ إليه لقضاء حاجة أو كشف كربة غير الله عز وجل.
ومن يُستنصر ويُستعان به فيما لايقدر عليه إلا الله
ومن يُحب ويُخاف ويُرتجى ويُتوكل عليه غير الله.
ومن يُذبح ويُنذر ويُعتكف ويُطاف له غير الله
ومن يُطاع ويُتبع حكمه وقانونه من دون الله عز وجل.
ومن يحكم ويشرِّع من غير إذن الله عز وجل.
ومن يُحكم بحكمه وتشريعه وقانونه بين الناس غير الله عز وجل.
ومن يُتحاكم إليه غير الله ورسوله
ومن يُوالى ويُعادى من أجله غير الله سبحانه وتعالى.
فكل هذه آلهة ومعبودات باطلة وجب الكفر بها والبراءة منها
ومن أمثلتها في عصرنا الحاضر: 
هذه القبور المعبودة من دون الله المنتشرة في بقاع الأرض، كالبدوي والجيلاني والدسوقي والإمام الشافعي والبغدادي وقبر الحسين وعائشة وزينب وسكينة ونفيسة كما يزعمون، وعبد السلام الأسمر وأحمد البازه وأبو رقية والزروق وأبو عجيلة والسايح، ... وغيرها كثير كثير.
وهناك أشجار وعيون وأحجار أيضا تعبد مع الله
وهناك تماثيل وأصنام منحوتة تعبد مع الله أيضا، كما في الهند وغيرها.
وهذه القوانين الوضعية المتبعة في كل دولة على وجه الأرض.
وهؤلاء الحكام المشرعين من دون الله، والحاكمين بشريعة غير الله، والمبدلين لأحكام الله.
وأولئك الأحبار والرهبان من المنتسبين للإسلام ومن اليهود والنصارى الذي يغيرون دين الله ويشرعون من العقائد والأحكام ما يلائم أربابهم العلمانيين ويتمشى مع أهواء الطواغيت.
كل هذه الأرباب والآلهة والطواغيت والأنداد يجب الكفر بها ليدخل المرء في الإسلام ويحقق التوحيد ويؤمن بلا إله إلا الله.
كيف تكفر بما يعبد من دون الله ؟
وأما كيفية الكفر بها اعتقادا وقولا وعملا فعلى النحو التالي:
أولا:  أن تعتقد بطلان كل ما عُبد من دون الله ،  وكل عبادة صُرفت لغير الله ،  وكل دين غير دين الله.
قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62)، وقال جل ثناؤه: (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (يونس:32)، وقال : (ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ)(محمد: من الآية3)، وقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين}. 
ثانيا:  أن تجتنب عبادة كل ما يعبد من دون الله ،  وتبغضها أشد البغض ،  وتخلع جميع الأرباب والأنداد المعبودة مع الله ،  وتبرأ منها.
قال تعالى: (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(الأنعام: من الآية19).
وقال تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(الأنعام: من الآية78) 
وقال عز وجل: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(هود: من الآية54)
وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ) (الزمر:17)  وقال: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:5)  وقال تعالى: (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي)(مريم: من الآية48)
وقال جل ثناؤه: (قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ) (الشعراء:75 :76: 77)  وقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * ....) (الزخرف:26)
وقال تعالى:(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين).
فلا يكفي أن يعتقد المرء أن عبادة غير الله ضلال وشرك وأن كل معبود غير الله باطل، بل لابد أن يجتنب هذه المعبودات ويبرأ منها ويهجرها ويترك عبادتها، فلا يدعوها مع الله ولا يستغيث بها ولا يحبها ولا يخافها ولا يتقرب لها بالذبح والنذر وسائر العبادات، ولا يتبع تشريعات وأحكام الطواغيت المشرعين من دون الله، ولا ينصرها ولا يحميها، ولا يحكم بشيء منها ولا يتحاكم إليها في صغير ولا كبير.
فإن اعتقد بطلان هذه الآلهة والأرباب والأنداد والأوثان المعبودة من دون الله، وهجرها واجتنبها وتبرأ منها واعتزلها ولم يصرف لها شيئا من العبادة، فقد تبرأ منها ومن عبادتها وبقى عليه شيء آخر لابد له منه ولا محيص له عنه وهو البراءة ممن عبدها واتخذها شركاء مع الله عز وجل. وهو الأمر الثالث المطلوب تحقيقه ليصح الكفر بما يعبد من دون الله.
ثالثا: أن تتبرأ ممن اتخذها أربابا وآلهة من دون الله الواحد الأحد وصرف لها من العبادة ما لا يستحقه إلا خالق السموات والأرض ،  والبراءة منهم هي تكفيرهم وبغضهم ومعاداتهم.
قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )(الممتحنة: من الآية4)
وقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الأنعام:74)  وقال عز وجل: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(الأنعام:78: 79).
وقال تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون:6)  وقال جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)(الأنعام: من الآية159).
الدليل على تكفير الكفار والمشركين هو الإسلام نفسه
البراءة ممن جعل مع الله غيره واتخذ من دونه أربابا وأندادا وشركاء، وكان عَبْداً للطاغوت من دون الله خالقِه ورازقِه ومالكِ أمره، هذه البراءة الدليل عليها هو الإسلام نفسه ولا تحتاج لذكر آية من كتاب الله أو حادثة من السيرة أو حديثا عن المصطفى صلى الله عليه وسلم.
كيف هذا؟
أليس كل من عرف الإسلام لابد أن يميز بين من يدين به ومن لا يدين به؟! 
حتى الكفار الذين عرفوا الإسلام ولم يدخلوا فيه يفرِّقون بين من يدين به ومن لا يدين به وكانوا يقولون لمن أسلم صبأ فلان ، يعنون أنه خرج عن دين قومه. 
ولا يعتقد أحدٌ أن الإسلام هو دين الله الحق إلا واعتقد أن ما سواه باطل وضلال، وإلا لَزِم أن يكون هناك دين آخر غير الإسلام يكون صحيحا ومقبولا عند الله، وهذا ينفيه ويعتقد بطلانه كل من يصدق بأن الإسلام هو دين الله الذي لايقبل سواه.
ومن اعتقد أن الإسلام هو الدين الحق لا يشك لحظة واحدة أن أهله الذين يدينون به على حق، وفي المقابل كل من دان بدين غير الإسلام على ضلال وباطل.
ومن أقرَّ بأن عبادة الله وحده هو الحق لابد أن يقر بأن عبادة غيره باطلة وضلال، وأن من عبد الله وحده هو المحق وأن من عبد غيره هو المبطل، ولا يحتاج هذا إلى برهنة واستدلال.
فمن عرف أن الإسلام لا يتحقق إلا بتوحيد الله والكفر بما سواه قولا وعملا، وأراد أن يدخل في هذا الدين ؛ فإنه من الوهلة الأولى سيعرف أن من يعبد غير الله ليس بمسلم بل هو في دين آخر باطل وضلال، وسيعتقد هذا دون أي شك.
فالذي يعرف الفارق الصحيح بين دين الله الحق وغيره من الأديان الباطلة المردودة سيعرف الفرق بين المسلمين أهل الدين الحق وبين الكفار أهل الأديان الباطلة.
ومن لم يعرف الفارق الصحيح الذي يميز بين الإسلام وغيره من الأديان الباطلة، فهذا هو الذي لايستطيع أن يميز بين المسلمين وغيرهم من الكفار، وهو نفسه لن يستطيع أن يكون مسلما وهو لايعرف الإسلام من الكفر.
فمن عرف الإسلام عرف أن من يدين بغير دين التوحيد ليس مسلماً، كما عرفها الناس قديما يوم دعتهم رسل الله لترك ما هم عليه والدخول في الإسلام.
زيادة توضيح
عندما يسمع أحد الكفار دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف للوهلة الأولى أن هذا الرسول جاء يدعو لدين جديد غير هذا الدين المألوف عن الآباء والأجداد
ثم إذا التقى بالرسول وسمع منه عرف حقيقة هذا الدين الجديد وما هو الفارق بينه وبين ما يدين به هو وقومه من الكفار 
فإذا اقتنع بما دعاه إليه رسول الله اقتنع بأن ما يدين به هو وقومه باطل وضلال، وأن الدين الذي دُعي إليه هو الهدى والحق 
فإذا أراد أن يدخل في هذا الدين الجديد فإنه يعرف جيداً أنه انتقل من باطل إلى حق، ويعتقد أنه كان كافرا قبل أن يدخل في الإسلام، وأن من تركهم في دينه الأول على باطل وضلال وجاهلية وكفر، ومن انتقل معهم في الدين الجديد على الهدى والحق والإسلام.
وبالتالي فإنه يبرأ من قومه وما يعبدون من دون الله، ويوالي الله ورسوله والمسلمين.
وهذا يحصل مع كل من ينتقل من الضلال إلى الحق ومن الجاهلية إلى الإسلام.
فهل يُعقل أن يعرف أحدٌ الإسلامَ الحق الذي يريده الله ويدعو إليه رسلُه ولا يعرف أنه على النقيض مما يدين به المشركون؟!!!!!!!!
وهل يُعقل أن يترك أحد من الكفار ما كان يعبد من الآلهة والأنداد وينتقل للإسلام ليوحد الله ولا يشرك به شيئا وهو يتخيل أنه ينتقل من حق إلى حق؟!!!
وهل يتصور إنسان عاقل أنه يمكن لرجل أن يترك دينه الذي اعتاده وألفه بعد أن عرف أنه دين باطل وينتقل إلى الإسلام ويخالف قومه، ثم مع هذا يعتقد أن قومه الذين خرج عن دينهم على حق وأن المسلمين الذين دخل معهم في دينهم على حق أيضا؟!!!!!!!!! 
كل هذا لا يتصوره عاقل أبداً
والحق الذي لا مرية فيه أن كل من خرج عن الكفر ودخل في الإسلام الحق لابد أنه يدرك جيدا: 
- أن ما خرج عنه هو الكفر والضلال وأن ما دخل فيه هو الهدى والحق. 
- وأن من خالفهم في الدين على ضلال وفي جاهلية وهم كفار مشركون، وأن من انتقل إليهم ودان بدينهم على الحق والنور والهدى وهم مسلمون موحدون.
كل هذا يعرفه من عرف الإسلام على اختلاف أفهامهم وعقولهم ولا يحتاج إلى أن يُبيَّن له ويُنبَّه عليه.
لا يتحقق الكفر بما يعبد من دون الله دون الكفر والبراءة من عابديه 
من المعلوم أن كل معبود من دون الله له من يعبده ويَصرف له ما لا ينبغي أن يُصرف إلا لله، وبفعل هذا المشرك صار إلها مع الله، فلابد من البراءة من المعبود ومن عبادته ومن عابديه، ولا تتحقق واحدة منها دون الأخرى.
فلا يستقيم ولا يصح البراءة من المعبود دون البراءة من عبادته.
ولا يستقيم أيضا ولا يصح البراءة من المعبود وعبادته دون البراءة ممن جعله معبودا وصرف له العبادة من دون الله.
وليست البراءة من المعبود بأولى من البراءة من العابد، وهل يصير العبد المخلوق إلها معبودا إلا بوجود من أشركه مع الله وعبده معه؟!
وكمثال لذلك الآلهة التي كانت موجودة في قوم نوح فما هي إلا تماثيل نحتها أناس ربما لم يصلوا إلى الشرك في ذلك الوقت يوم أن نحتوها، وبعد موت هؤلاء اتخذها من بعدهم آلهة تعبد كما يعبد الله الواحد القهار، ولولا أولئك المشركون لما صارت آلهة معبودة مع الله ولبقت مجرد تماثيل ترمز لرجال صالحين كانوا فبادوا.
فلو أن رجلا في عهد نوح سمع بما يدعو إليه نوحا عليه السلام فأراد أن يتبعه فترك عبادة غير الله واعتقد أن ما كان يعبده باطل لا يستحق العبادة وأن الله وحده هو المستحق للعبادة، فهل تراه يعتبر نفسه أنه كان على حق في عبادة غير الله؟! هذا لا يستقيم أبدا.
بل الصواب سيعتبر نفسه أنه كان على باطل وضلال في شركه بالله وأن الحق هو توحيد الله وإفراده بالعبادة، وبالتالي سيعتبر من لم يوحد الله واستمر على عبادة غيره أنهم على ضلال وباطل، وسوف يتبرأ منهم كما تبرأ من آلهتهم ودينهم. وهذا ما نقصده بالبراءة من المشركين.
ومثال آخر هذه القبور التي تعبد اليوم من دون الله فلولا ما يفعله المشركون عندها وما يعتقدونه فيها لما زاد عن كونها قبوراً لأناس كانوا أحياء يأكلون ويشربون ويحتاجون لما يحتاج إليه البشر الضعفاء فماتوا وقُبروا في هذه القبور وهي كغيرها من سائر القبور الأخرى، ولكن المشركين عظموها وغلوا في محبة أصحابها حتى عبدوهم مع الله، فصارت آلهة تعبد مع الله الواحد الأحد وطواغيت تقدس من دون الله.
فهل تستقيم البراءة منها دون البراءة ممن اتخذها وصيرها آلهة من دون الله؟
هل يصح في الفطر السليمة والعقول المستقيمة والملة الحنيفية أن نعتقد أن هذه القبور آلهة باطلة لا تستحق شيئا من العبادة وأن عبادتها كفر وشرك بالله تناقض الإسلام وتبطله، ولا نعتقد كفر وضلال من عبدها، بل نجعلهم في زمرة الموحدين ونساويهم بمن يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئا ويكفرون بما يعبد من دونه؟!
هل يستوي من يكفر بهذه القبور مع من يعبدها؟!
كلا - والذي ارتضى الإسلام لنا دينا - لايستوي دين من وحَّد الله وكفر بما يُعبد من دونه مع دين من جهل التوحيد وجعل مع الله آلهة أخرى.
قال تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (الأنعام:19) 
وقال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)." الأنعام: من الآية:159". 
كيف يكون المشرك الذي جعل العبادة شِرْكَةً بين الله وبين خلقه مسلما على دين إبراهيم عليه السلام والأنبياء جميعا؟؟!!
كيف يستوي من وحَّد الله وعظَّمه ونزَّهه بمن سبَّه وانتقصه وشبهه بمخلوق من مخلوقاته وعبد من عبيده؟!!
الأنبياء كلهم تبرؤوا من الكفار والمشركين
لقد أعلن جميع رسل الله براءتهم من كل من عبد غير الله وكفروا بهم وأبغضوهم وعادوهم، قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)(الممتحنة: من الآية4). 
والله عز وجل أمرنا بإتباع ملة إبراهيم، وجعله للناس إماماً، واتخذه خليلاً، وملة إبراهيم هي الحنيفية وهي البراءة من المشركين ومما يعبدون من دون الله.
كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُون َ* إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ)." الزخرف:27:26".
وقال عز وجل: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)} [الأنعام : 78 - 79]
وقد ختم الله عز وجل سورة التوحيد بقوله: ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ). فدين من وحد الله فَعَبَدَه وحده ولم يشرك به شيئا هو الإسلام، ولا يمكن أن يجتمع مع من أشرك بالله على دين واحد أبداً، ولا يمكن أن يستويان أبداً، بل كل واحد منهما متبرئ مما عليه الآخر، ولا يشاركه فيه، فلا يمكن أن يكون الموحد عابد لغير الله، ولا يمكن أن يكون المشرك عابداً لله وحده.
فكيف يصح مع هذا كله القول بأن تكفير المشركين ليس من أصل الدين ويمكن أن يتحقق الإسلام من غير تكفيرهم؟!!
وكيف يقبل من عرف الدين الحق القولَ بأن الحكم بالإسلام لمن عبد غير الله وجعل معه آلهة أخرى لا يعارض الإسلام الذي بعث الله به رسله وأنبياءه؟!!
لا والله، لا يصح هذا ولا يُقبل، وليس هذا من دين الله في شيء.
لا ينكر أن تكفير المشركين من أصل الدين إلا من يجهل الإسلام
وعلى الرغم من وضوح هذا وبساطة فهمه وسهولة الاقتناع به إلا أن هناك من أهل الضلال المنتسبين للإسلام من يزعم أن تكفير المشركين ليس من أصل الدين الذي لايتحقق الإسلام بدونه، وينكرون علينا أنا نقرن الدعوة إلى الإسلام بالدعوة لتكفير المشركين، ويقولون أن تكفير الكفار من لوازم الأصل وليس من الأصل؛ وذلك ليعذروا من لم يكفِّر المشركين بأعذار واهية، ويحكمون بالإسلام لمن زعم أن عباد القبور مسلمون، وأن المشرعين من دون الله مسلمون، وأن المتبعين لتشريعات الطاغوت والمتحاكمين لأحكامه مسلمون أيضا ماداموا يقولون لا إله إلا الله!!
فسبحان الله أي عقول أنكرت هذا ؟!!
وأي حجة بنوا عليها ما يزعمون ؟!!
لا والله، ما يصدق بهذا ذو عقل، وما على هذا الافتراء من دليل، إن هو إلا عبادة أحبارهم ورهبانهم المتأثرين بالعلمانية وإن زعموا أنهم يكفرون بها.
والحقيقة أنه لا ينكر أن تكفير المشركين مما لا يتم الإسلام إلا به إلا من يجهل الإسلام ولا يعرف أصل الدين الذي يفرق بين الإسلام والكفر وبين المسلمين وغيرهم.
حقيقة الخلاف بيننا وبين من لا يؤمن بأن تكفير الكفار من أصل الدين
ليس الخلاف القائم بيننا وبين من لم يعتقد تكفير المشركين خلافاً في المصطلحات (نحن نقول أنه من الأصل وهم يقولون من لازم الأصل)، وإنما هو خلاف جوهري كالخلاف بين المسلمين والكفار، فهم يبنون على هذا المصطلح دينهم الذي خالفوا به دين التوحيد، فصار خلافا في الدين لا خلافا في المصطلحات والمسميات فقط.
فمن يقول أن تكفير الكفار من لازم الأصل ويلتزم به لتحقيق أصل الإسلام ويراه لازما ضروريا لاينفك عن الأصل، إذا انتفى هذا اللازم انتفى الأصل وبطل، فهذا هو الذي يخالفنا في المصطلح فقط.
أما من يقول أن تكفير الكفار من لازم الأصل ولا يلتزم به لتحقيق الإسلام، ويراه غير لازم ولا ضروري ويمكن أن يتحقق الإسلام بدونه، ويجعله كشعائر الدين التي يعرفها المسلم تدريجياً، فهذا لا يعتبر تركه كفراً يناقض الإسلام، فالخلاف بيننا وبينه خلاف في تحديد الإسلام والكفر، كالخلاف بيننا وبين عابد القبر والمتبع لتشريع غير الله.
فعابد القبر لا يسمي فعله شركاً ولا يراه مناقضاً للإسلام، ونحن نؤمن بأن عبادة غير الله شرك وكفر بالله، وأن الإسلام لا يتحقق إلا بعبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه، ومن ذلك: الكفر بما يعبده هذا الكافر عابد القبر الذي يدَّعي الإسلام، فصار الخلاف بيننا وبين عابد القبر خلافاً في تحديد الإسلام والكفر. 
فهاهنا دينان دين عابد القبر الذي يعتقد أن عبادته لغير الله لا تناقض الإسلام، فإسلامه ليس هو الإسلام الذي يريده الله ويرضاه من عباده.
وديننا الذي نعتقد أنه لايتحقق إلا بتوحيد الله والكفر بعبادة القبور وسائر ما يعبده المشركون من دون الله، وقد أثبتنا فيما سبق أن هذا هو الإسلام دين الله الحق.
ومن خالفنا في أصل الدين لا يمكن أن يكون معنا على دين واحد، فله دينه ولنا ديننا.
وكذلك الذي يعتقد أن الحكم بإسلام من يعبد غير الله ليس كفرا، وأن الإسلام يتحقق بدون تكفير الكفار، يختلف دينه عن ديننا تماما، فنحن نعتقد أن الحكم بالإسلام لمن يعبد غير الله كفر بالله مناقض للإسلام من كل وجه، فمن عبد غير الله يستحيل أن يكون مسلما، ومن أدخل مثل هذا في الإسلام فهو كافر لا يعرف الإسلام ولا يدين به ولا يفرق بين المسلم والكافر.
فكما أن الإسلام لا يتحقق إلا باعتقاد بطلان عبادة غير الله (وهي دين الكفار والمشركين)، كذلك فإنه لا يتحقق إلا بتكفير من دان بعبادة غير الله.
فالمسلم يعتقد أن عبادة الله وحده هي دين الإسلام وهي الحق، وأن عبادة غير الله هي دين المشركين وهي الباطل، ولا يمكن أن يجعل من عبد غير الله على دين الإسلام لأنه يعلم أن هذا لم يأتِ بالإسلام، وكذلك لا يمكن أن يعتبر جاهل التوحيد على دين الإسلام لأنه يعلم أن هذا لم يدخل الإسلام بعد.
فإسلامنا يختلف عن الإسلام الذي يدَّعيه من يعبد غير الله ومن يحكم له بالإسلام. ولهذا قلنا أن الخلاف القائم بيننا وبين من لم يعتقد تكفير المشركين ليس خلافاً في المصطلحات وإنما هو خلاف في تحديد الإسلام والكفر، فنحن وهم على طرفي نقيض لا يجمعنا دين واحد.
وهؤلاء الذين يعتقدون أن الحكم بإسلام من عبد غير الله ليس كفرا هم في الحقيقة لا يعرفون الإسلام، فلو عرفوه لما قبلوا بإسلام من لم يفرق بين الكافر والمسلم ولم يميز بين الإسلام والكفر. فكل من عرف الإسلام ودان به يعرف ويُقرُّ بأن الكافر على غير دينه ولا يحتاج إلى أن يُنبه لمثل هذا. ولا يتصور أن يكون هناك مسلم يعتقد أن الإسلام هو دين الله الذي لايقبل سواه ثم يعتبر المخالفين له في الدين مسلمين مثله.
الذي يعتقد أن اجتناب الشرك والبراءة منه من أصل الدين لابد أن يؤمن بكفر من خالفه فيه، ولا يمكن أن يعتقد بإسلام من لم يجتنب الشرك ويتبرأ منه.
والذي يؤمن بأن تكفير المشركين من أصل الدين لابد أن يؤمن بكفر من خالفه فيه أيضا، ولا يمكن أن يعتقد بإسلام من لم يكفر المشركين.
والإيمان بأن تكفير المشركين من أصل الدين مبني على الإيمان بأن عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه من أصل الدين، إن صح هذا لزم الآخر لزوما ضروريا لا ينفك عنه، فمن آمن بالثاني لزمه الإيمان بالأول وإلا كان إيمانه بالثاني باطلا.
فمن لم يؤمن بأن تكفير المشركين من أصل الدين هو في الحقيقة لا يؤمن بأن عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه من أصل الدين. وإلا فما معنى كونها من أصل الدين إن لم يعنِ أن المخالف في ذلك كافر.
فالمسلمون جميعا متفقون في أصل الدين، وهو الذي يجمعهم على دين واحد ويفرق بينهم وبين سائر الكفار،
ولا يتصور أن يكون هناك مسلم ليس عنده أصل الدين الذي يميِّز به بين المسلم والكافر، والجهل بهذا يعني الجهل بالإسلام، والجهل بالإسلام يعني عدم الإسلام، فكيف يكون الرجل مسلما من غير إسلام؟!!
فكل من عرف الإسلام عرف أصله الذي لايتحقق إلا به، وعرف أيضا بكل بساطة أن من خالف في هذا الأصل فليس على الإسلام، وعرف أيضا أن من جهل هذا الأصل لا يمكن أن يأتي به.
وبهذا يثبت لمن أراد الحق وتجرد له أنه لا إسلام لمن لم يكفِّر الكفار والمشركين.
ملخص الدرس
إذا فالكفر بما يعبد من دون الله كفر بالمعبودات الباطلة وبعبادتها وبعابديها، ويكون بالقول والعمل كما أن الأمرين الأولين (ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا) بالقول والعمل.
وكما أوضحنا في درسنا هذا أن الكفر بما يعبد من دون الله يتحقق بثلاثة أمور مجتمعة وهي:
اعتقاد بطلان كل معبود غير الله وكل عبادة لغير الله وكل دين غير دين الله .
اجتناب عبادة هذه المعبودات الباطلة وهجرها وخلعها ظاهرا وباطنا وبغضها وبغض عبادتها. 
تكفير من رضي بالعبادة مع الله، ومن عبد شيئا من دون الله وبغضهم ومعاداتهم. 
فمن أتى بها مجتمعة فقد كفر بالطاغوت، ونفى ما نفته لا إله إلا الله، ومن أخل بواحدة منها فما كفر بالطغوت ولا آمن بالله، وإن لم يفتر لسانه عن قول لا إله إلا الله.
واقع الناس
فتأمل أيها القارئ حالك وحال الناس من حولك هل لهم من لا إله إلا الله غير قولها باللسان من غير معرفة ولا اعتقاد ولا عمل ولا إذعان ؟!!
يقولون بأفواههم ما لم تعتقده قلوبهم ولم تستسلم له أركانهم.
يقولون نحن أمة المليار مسلم ويفتخرون بذلك، وليس لهم من الإسلام إلا اسمه، ومن التوحيد إلا لفظه.
ينكرون على من يكفِّرهم، ويقولون نحن نقول لا إله إلا الله ونصلي ونصوم ونحج ونحب الله ورسوله، وإذا تأملت حقيقة ما يدينون به وجدتهم:
إما عابد قبر أو عابد شجر يدعو ويستغيث بغير الله ويذبح وينذر ويطوف ويركع ويسجد لغير الله، ويعتقد في ميت أو حجر النفع والضر والشفاعة مع الله 
أو عابد هوى لايميز بين الحق والباطل إلا ما وافق هواه 
أو مشرِّع يحلل ويحرم ويفرض ويسقط ويعاقب ويعفو ويسن من الأحكام ما لم يأذن به الله 
أو حكام وقضاة يحكمون بشريعة غير الله ويقدمون أحكام الجاهلية على حكم الله 
أو همج رعاع متبعون لتشريع غير الله راضون بنظام الكفر وسلطان الطاغوت 
أو جنود مخلصون خدم الطاغوت وساعده اليمنى وحارسه الأمين 
أو متحاكمون لمحاكم الكفر محكِّمون لأحكام الطاغوت 
أو فرق متدينة ترى نفسها صحوة المجتمع والشعلة المضيئة فيه لاتعرف الإسلام من الكفر ولا تفرق بين المسلم والكافر عبدة لأحبارها ورهبانها سدنة الطاغوت اللعين 
أو فرقة تزعم أنها الناجية المنصورة تنادي بالجهاد والخروج على الحكام، تفرق بين الناس حسب هواها، وتكيل الحكام بمكيال وشعبه بمكيال، لا تعرف من الإسلام إلا ما حدده أحبارها ورهبانها، ولا تميز بين المسلم والكافر، تداهن الكفرة من أمتها وتجاهد الكفرة من غير جنسيتها، تعتقد أن حكام الأمة طواغيت كفرة مشرعون من دون الله ونظامهم كفر وجاهلية وتزعم أن الشعوب مسلمة غير راضية بمن يحكمها مكرهة على اختيارها لحكامها مغصوبة على ولائها ونصرتها واتباعها لطواغيتها .. تزعم أنها كافرة بالطاغوت وتوالي من يؤمن به .. تتبرأ من الحكام وحاشيتهم وتوالي شعوبهم ومن لم يتبرأ منهم !! وينكرون علينا لماذا لا تجاهدون معنا؟! فهل هناك فرق بينهم وبين من يجاهدون؟!!
هذا هو حال أمة المليار مسلم – كما يزعمون -  فإن وجدتَ فيهم من يدين بالإسلام الذي يريده الله فله حق الأخوة والولاء، وما سوى ذلك فهم واليهود والنصارى سواء.
غربة الإسلام وأهله
فإذا عرفت دين الإسلام وأردت أن تكون مسلما كما يريد الله فلا تستوحش من الحق لقلة السالكين ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كما بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ.
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وَيْلٌ للعرب من شرٍ قد اقتربَ فِتَنٌ كَقَطِيع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً يبيع قوم دينَهم بعَرَض من الدنيا، قليل المتمسك يومئذ بدينهِ كالقابِض على الجَمْر أو قال على الشوْك).
سأل عمرو بن عبسة رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن معك على هذا؟ قال عليه السلام: حر وعبد.
فالزم طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.
قال نُعَيْمُ بن حَمَّادٍ إذَا فَسَدَتْ الْجَمَاعَةُ فَعَلَيْك بِمَا كانت عليه الْجَمَاعَةُ قبل أَنْ تَفْسُدَ وان كُنْت وَحْدَك فَإِنَّك أنت الْجَمَاعَةُ حِينَئِذٍ.
وقال عبد الله بن مسعود: الْجَمَاعَةُ ما وَافَقَ الْحَقَّ وان كُنْت وَحْدَك.
قال أبو شامة: حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتباعه وإن كان الممتسك به قليلا والمخالف له كثيرا لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي وأصحابه ولا نظر إلى كثرة أهل البدع بعدهم.
قال ابن القيم: فالبصير الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق ولا من فَقْدِه إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فتفرد العبد في طريق طلبه دليل على صدق الطلب. 
ولقد سئل إسحاق بن راهويه عن مسألة فأجاب فقيل له : إن أخاك أحمد بن حنبل يقول فيها بمثل ذلك فقال : ما ظننت أن أحدا يوافقني عليها. ولم يستوحش بعد ظهور الصواب له من عدم الموافقة فإن الحق إذا لَاحَ وتبين لم يحْتَجْ إلى شاهد يشهد به، والقلب يبصر الحق كما تبصر العين الشمس، فإذا رأى الرائي الشمس لم يحتج في علمه بها واعتقاده أنها طالعة إلى من يشهد بذلك ويوافقة عليه.
وقال ابن القيم أيضا: وكان الإمام أحمد وحده هو الجماعة، ولما لم تحمل ذلك عقول الناس قالوا للخليفة يا أمير المؤمنين أتكون أنت وقضاتك وولاتك والفقهاء والمُفتون على الباطل، وأحمد وحده على الحق، فلم يتسع علمه لذلك فأخذه بالسياط والعقوبة بعد الحبس الطويل. 
فلا إله إلا الله ما أشبه الليلة بالبارحة.انتهى

No comments:

Post a Comment